Tuesday 16 February 2010

اظهار وجه الكويت الحضاري




يقول المسؤولون في العادة انهم يريدون "اظهار وجه الكويت الحضاري"، أمعن قليلا في هذه العبارة عزيزي القارئ، كل ما يريدونه هو اظهار وجه حضاري، لا يريدون تحويل البلد الى دولة حضارية.

لا يجرؤون بالتحدث عن أكثر من وجه حضاري ولولا الخجل لقالوا انه قناع حضاري وما تحت القناع فواقع مرير فيه ما فيه من التعصب والتطرف، يهمهم أن يبقى السطح حضاري ولا يريدون النزول الى أعماق التخلف.

وهم بالفعل يعرفون ما يقولون لأنها مهمة مستحيلة،
حتى وان شخصت السلطة أمراض التخلف تبقى عاجزة عن الحل لأنها لا تملك العلاج الناجع لها، فبالاطلاع على تجارب الشعوب تعرف أن تغيير واقع الناس من المستحيلات، قد يكون بيد السلطة اقرار بعض القوانين من أجل مكافحة مظاهر التخلف، وبهذا تكون هذه القوانين الغطاء الحضاري الذي يُخدع به من يراقب الأوضاع من الخارج ولكنه مجرد غشاء نافذ بالنسبة لمن يعيش في الداخل يعرف أنه للمظاهر وللتفاخر فقط، هذا حد ما يأمل به السياسيون في كل مكان وليس في الكويت فقط.

في اسبانيا على سبيل المثال تعتبر مصارعة الثيران من التراث الاسباني الذي لا يريدون التخلي عنه مهما كلف الأمر، ولكن هناك من يراها ظاهرة وحشية غير مقبولة فهي ممارسة لتعذيب حيوان لا يملك لا حول ولا قوة مقابل سهام المصارع الذي يستعرض مهاراته في التعذيب أمام هستيريا الجمهور، بالنسبة لهؤلاء هذه الظاهرة دليل تخلف ويسعون على مدار الساعة من أجل استصدار قانون يجرم هذه الممارسة. لو نجح هؤلاء ومنعوا الناس من ممارستها وأجبروهم على عدم تعذيب الحيوانات بهذه الطريقة، هل سيغير هذا المنع من طبيعة الناس شيء ويجعلها رحيمة بالحيوان، وهل سيجعلهم حضاريين أكثر، برأيي المتواضع لن ينجح هذا التشريع بأكثر من تغطية الواقع بقناع ظاهره حضاري وانساني على الأقل بالنسبة للجيل الحالي الذي تربى وترعرع على هذه العادات والتقاليد. هناك أمل بأن تتغير الأجيال القادمة مع وجود خطة تعليمية وتربوية متكاملة قد تنجح بالتغيير بعض الشيء وقد تفشل بسبب مقاومة عموم الناس لها.

لنترك بلاد الأندلس وما فيها لأهلها ونعود الى الكويت ولنقرأ ما يُكتب في الصحف، ولنرى كيف تقطر العنصرية من أقلام بعض الكتاب، وكيف يحرضون على الكراهية والحقد واثارة المشاعر ضد بعض الجاليات العربية الذين يعيشون بيننا، أحيانا يستغلون حادثة ما يتحمل مسؤوليتها شخص من أبناء هذه الجالية أو تلك ويعمموها على الجميع. والان تعالوا لنقرأ التعليقات على هذه المقالات العنصرية في المواقع الالكتروني ولنرى التأييد والتشجيع من قبل القراء لكل ما هو عنصري وطائفي ومتطرف. وبعد هذه الرحلة ستفقد الأمل بأن يصبح هذا الشعب متحضرا لا في المستقبل القريب ولا البعيد.

أحد القراء الكرام لفت انتباهي الى مقالة لكاتبة لا يضاهيها أحد في الكبر والغرور الا ابليس عندما قال خلقتني من نار وخلقته من طين، هذه الكاتبة محتجة ومعترضة ليس لأن المقيم لم يعاقب على خطئه، هذا اذا سلمنا أنه أخطأ بالفعل، بل محتجة على جرأة المقيم على مواطن كويتي، وبالنسبة لها أن هذه الجرأة جريمة شجعتها الحكومة وسمحت للمقيمين بالتصرف وكأنهم بمستوى المواطنين، بقراءة هذه المقالة والتعليقات التي وردت تحتها جعلت صاحبنا يقول لا فائدة منهم ولا تتعب نفسك معهم، عنصرية الى هذه الدرجة لا علاج لها وبصراحة أعتقد أن معه حق فيما قاله. من الان كل طموحي أن أرى وجه حضاري وليس شعب متحضر. وهذا يعتمد بشكل كبير على جهود سلطة حضارية.

10 comments:

فريج سعود said...

للاسف العنصرية موجودة تقريبا في اغلب الاسر

والمثال على ذلك يظهر عند نية الاولاد بالزواج

اسمع عاد تعليقات الام والاب الي بالعادة تلقاهم ينبذون العنصرية في العلن ولما يصير موضوع زواج تطلع النعرة

شقران said...

الغالي أبا مهدي

مساء النوير..كيف الأحوال في بلاد العنقريز
:)


عندي نقطتان


النقطة الأولى
هي اختلاف التفسير الحقيقي حول معنى جملة:اظهار الوجه الحضاري

فالأصل في هذه الجملة هو أن هناك دولة ما-أي دولة- تملك حضارة داخلية وتَـحضّر ولكنها غير معلومة للخارج-أقصد الدول الأخرى- ، فيقوم المسؤولون بهذه الدولة في محاولة لإظهار هذا الوجه الحضاري المعبر عن عمق حضاري بقول هذه الجملة وتسويقها اعلاميا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا...لاحظ قلت:عمق حضاري

في دول العالم الثالث عامة والدولة العربية خاصة أُخذ المعنى الظاهري لهذه الجملة ولم يتم الأخذ بكل الأبعاد لهذا الجملة

فترى المسؤولين بهذه الدول يرددون هذه الجملة دون الخوض بها وماترمي إليه في الأساس



النقطة الثانية

اتفق معك تماما من أن هناك الكثير من الكتاب الذين تنضح كتاباتهم بالعنصرية تجاه المقيم وكذلك تجاه ابناء الوطن الواحد ، وهذه مشكلة ثقافية اجتماعية عميقة

أضف لهذه المشكلة العميقة أن هؤلاء الكتاب لهم جمهور عريض ممن يصفق لهم وخلفهم


ورغم ذلك يجب أن لانفقد الأمل ، فصحيح هناك حالة من طفو العنصرية على السطح الإعلامي التقليدي والإلكتروني ولكن يجب أن نكون حذرين لأننا لا نعرف ماهية ماتحت هذا السطح؟ من حيث:هل جميع ماتحت السطح ينضح عنصرية؟ أم أنه قابل للتهيئة العنصرية وأطروحاتها؟ أو هو بعيد عن العنصرية وأختار أن يكون تحت سطح الأحداث؟


هذه الإسئلة لا نستطيع الإجابة عليها لأن ليست هناك دراسات أكاديمية حقيقية عن الحالة العنصرية في المجتمع وماهو مدى انتشارها بين البسطاء والعامة من الناس



طولت عليكك بالتعليق...السموحة
:)



لك منّي أجمل وأعذب تحايا المساء

شقران said...

أبا مهدي

استدراك بسيط


أشدد على آخر جملة كُتبت في الموضوع أعلاه وهي:"وهذا يعتمد بشكل كبير على جهود سلطة حضارية"ء


الذي يقود التغيير في الدول والمجتمعات يكون من اتجهين...إما مجتمعين أو متفرقين

الإتجاه الأول
أن يقود التغيير نخب فكرية أو ثقافية وأكاديمية تبدأ بالتسلسل من أسفل الهرم ، كما حدث في أوربا

الإتجاه الثاني
أن يقود التغير سلطة حاكمة تملك زمام المبادرة والرؤية الإستراتيجية بعيدة المدى تعمل عليها بإخلاص وتفاني كما حدث في دول نمور آسيا:سنغافورة ماليزيا كوريا الجنوبية إلخ


تحياتي القلبية
:)

panadool said...

وكأنك تقول لايوجد من الناس فائده ترجى منهم والأفضل أن نحافظ على ما نستطيع المحافظه عليه وهو وجهنا الحضارى


هناك بغض طائفى عائلى قبلى ...الخ

وعلاجه لايأتى بيوم وليله بل يحتاج جيلان على الأقل حتى تحصد النتيجه

العنصريه موجوده عند كل البشر ولكن مظهرها مختلف من مجتمع لآخر

لتكن العنصريه موجوده بالفرد ولكن لاتظهرها وتطبقها بالمجتمع على الأقل هذا أفضل الحلول

أما موضوع وجه البلد الحضارى
ففى ظل هذا الانفتاح الاعلامى
والمعلوماتى أعتقد إن الموضوع بات صعبا

وشكرا على مقالك القيم

revolution said...

Kuwait had the most beautiful and forgivable soul, but now the unseen bad intentions can be seen clearly with the naked eyes
The current situation is a reflection of what's in our hearts

Allah Al mosta3an :/

Salah said...

فريج سعود

الحمد لله على السلامة
زيارة مقبولة
أشعلت في قلوبنا الشوق لزيارة أيي عبد الله عليه السلام في موضوع المشاية

بالنسبة لتعليقك
وهكذا تورث العنصرية من الاباء الى الابناء

تحياتي يا الغالي

Salah said...

شقران

يا هلا بو راكان

راكان منور الانترنت... صج انه معطينا ظهره... بس هم نوره باين
الله يخليه حق امه وابوه وتشوفه معرس ان شاء الله
على فكرة أول مرة أدري ان اللفندر يطلع في البر عندنا... شكرا على المعلومة

وشكرا على التعليق والاستدراك
وكلامك عدل وكنت أعرف معنى العبارة عدل بس حبيت اتحرش بالسلطات :)

وحياك الله يا الحبيب

Salah said...

بنادول

كلامك علاج لكل أنواع الصداع :)

ان شاء الله ما نفقد الامل

بس الناس تحتاج الى رادع حتى على الاقل لا تظهر كراهيتها للعلن

تحياتي لك يا الغالي

Salah said...

revolution

الظاهر اني وجدت من هو أكثر تشاؤم مني

:)

أكيد يحزن المرء عندما يرى العادات السيئة هي التي تنتشر في مجتمعه لكن هذا لا يدعو للتشاؤم ولكن يساعد على تركيز الجهود على النفس ومحيط الاهل والأصدقاء

الله يعين الجميع

وشكرا على المرور الكريم

justice maker said...

باستطاعتنا تغيير الاجيال القادمه اذا اصلحنا الامر من انفسنا لان البدايه دائما من المنزل ودائما بالتربيه والتعليم ... ولانك ضربت المثال بأسبانيا فهي كدوله متحضره من السهل عليها ايقاف الممارسات واصلاح الاجيال القادمه عبر تعليم تربوي في مناهجها الدراسيه يضع في عقل الطفل اثر سلبي اتجاه هذه الممارسات ....
لكن في الكويت لايوجد تربيه وتعليم حتى يتم توجيهه ..
التعليم عندنا منفصل انفصالا كليا عن تصرفاتنا الواقعيه لاننا تعلمنا ان ندرس من اجل الامتحان فقط ولا نعرف بعدها مالذي تعلمناه ...
غالبية الكويتيين يحصلون على ثقافاتهم من التلفاز والذي بدوره يثير ويهيج مسأله العنصريه بشكل خيالي ...
العنصريه في الكويت امر متجذر وفي مختلف اشكاله ..
في السابق كنت اكتب واتحدث لعل واعسى اصل الى اقناع بضعة اشخاص ان الفرق بين الوافد والكويتي " غتره وقحفيه " واننا متساوون بالانسانيه ... لكنني ما البث ان اجد اننا عدنا الى زمن العبوديه ...
اذا كان الكويتيين عنصريين فيما بينهم ويفرقون انفسهم الى طبقات وفصائل فمابالك بمعاملتهم للغريب .... الله كريم