ولكن من كان يراقب هذه الأوضاع ويقرأ أغلب المقالات التي كتبت في الصحف الكويتية والكثير من المدونات الكويتية التي تناولت موضوع التأبين لا يستطيع أن يصمت الى أبد الابدين. ولابد أن تكون عنده بعض الملاحظات.
لن أدافع عن سيد عدنان عبدالصمد من خلال هذه المقالة فأنا لست بمحامي ولا أمارس مهنة المحاماة كهواية في أقوات الفراغ، لن أنظر ولن أذكر أي أدلة جديدة، ففي الصحف ما يكفي لمن يريد تأييد موقف سيد عدنان وما يكفي لمن يريد معارضته (الجملة مستوحاة من موضوع الشيعة والسنة لعميد المدونين الكويتيين كله مطقوق)، لا أريد أن أغير رأيك به، ولا أريدك أن تحبه، بل اكرهه كما تشاء واكره كل من يؤيده واكره كل من لم يخطأه وكل من لم يشتمه في الأيام السابقة، لكن كل ما أتمناه هو أن تتذكر قول الله تعالى:
"يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
المائدة 8
بدأت الحملة ضد سيد عدنان وأحمد لاري بعد التأبين بقيادة جريدة الوطن باتهامها أنهما تعمدا اهانة الشعب الكويتي بهذا العمل، ومن ثم وبمباركة الحكومة تحولت التهمة من اهانة الشعب الى العمالة للخارج والخيانة الوطنية وانهما منظمين الى حزب سري اسمه حزب الله الكويت.
ولم تقف الحملة عند هذا الحد فقط بل تطورت نحو تخوين كل محبي ومؤيدي السيد عدنان وتخوين كل من يدافع عنه يتعاطف معه والان يبالغ البعض بتخوين كل من لا يقر بخيانته.
من المستحيل أن يجتمع الناس على رأي واحد وعلى أمر واحد وفي نفس الوقت، حتى وان كان هذا الأمر واضح كوضوح الشمس أنه الحق أو أنه الباطل. وأكبر دليل على ذلك أن الرسول (ص) كان يجسد الحق المطلق ولكن لم يؤمن به كل من رآه. فلماذا يا ترى لم نقرأ في الأيام الأولى أي مقالة من أي مدون كويتي يدافع بها عن سيد عدنان وأحمد لاري؟ هل لأن ردة الفعل كانت عنيفة من قبل الزملاء المدونين وقد نجحوا باخراس المعارضين؟ هل أنت سعيد بأنك نجحت بحجب الرأي الاخر عن الناس. اخراس الناس لن يغير الحقيقة بأي شيء فهذا صدام منع الناس من التعبير عن النفس على مدى 30 عام ولكن لم يتغير رأيهم فيه.
هل من العدل اتهام الناس بالخيانة وطعنهم في وطنيتهم؟
هل من العدل أن نطالب باجراءات غير قانونية بحجة أن القانون ناقص ولا يشمل الحادثة؟
ما الذي يحدد لنا المسموح والممنوع؟ ما الذي يحدد لنا مدى صحة العمل من الناحية القانونية وليست الأخلاقية؟
أوليس قانون الدولة ودستورها هو مرجعنا ان اختلفتا؟
المعايير الأخلاقية مختلفة من شخص الى الاخر، ما تراه صلاحا قد أراه فاسدا وما أراه فاسدا قد تراه صلاحا. لك كامل الحرية أن تعترض وأن تهاجم بالقلم واللسان من تشاء، ولكن لا أفهم كيف يمكن أن يؤيد البعض الاجراءات الغير قانونية من قبل الحكومة اتجاه كل من حضر التأبين.
هذه الأزمة علمتنا أشياء، وكشفت لنا أمور كانت خافية على البعض، ومن أهمها الانقسام الاجتماعي التي تعاني منه الكويت. فكثير من السنة لا يعرفون عن الشيعة شيء، لا يعرفون عاداتهم ولا تقاليدهم ولا رموزهم ولا شخصياتهم. ويعاني من الجهل بالطرف الاخر بعض الشيعة الى حد ما خاصة بما يخص أبناء القبائل. الشيعة عندهم شهداء لا يعرفهم السنة بل يعتبرونهم مجرمين، ورموز الشيعة لا يعرفهم السنة أو يعرفونهم ولكن يعتبرونهم عملاء للخارج. والسنة لديهم ثأر من أشخاص معينين لكنهم أبطال في نظر الشيعة
استخدم المشاركين في الهجمة على سيد عدنان أبشع أنواع الشتائم والسباب. كانت مفهومة من المتطرف وممن تعود على استخدام هذه الألفاظ مع كل من يعارضه بالرأي، لكن لم أستوعبها من المعتدل.
لكن يُعْتَبَر سيد عدنان شخصية وطنية مهمة بالنسبة للكثير من الشيعة ولعدد من السنة كذلك، من المؤيدين ومن غير المؤيدين، بغض النظر ان كان ادعاء هؤلاء صحيح أم غير صحيح فان سيد عدنان لايقل وطنية بالنسبة لهم عن الصقر والعدساني والخطيب والغانم. مهما كنت مختلف مع أي أحد من هؤلاء لا يمكن أن يصل بك الأمر أن تشتمهم لأنك تعلم أن هناك من يعتبرهم رموز وطنيين. لكن الانقسام الاجتماعي أخفى على الناس مكانة سيد عدنان عند شريحة كبيرة من الشعب الكويتي. قد تقول أن الذين يعتبرون سيد عدنان وطني هم خونة نفسه ولا يستحقون أن نراعي مشاعرهم ولكن الا تعتبر هذا مبالغة في التخوين.
التخوين على الأهواء الشخصية يذكرني بالتكفير، التكفيريين استخدموا هذه التهمة ليس ضد من يخالفهم بالمذهب بل من يخالفهم بالاراء السياسية أيضا. فان اكتوى بالتخوين جماعة السيد عدنان اليوم سيكتوي به غيره غدا.
المبالغة بتأويل الأحداث وتفسير المواقف في سبيل اثبات الخيانة الوطنية ستعطي الذريعة لمن يأتي بعدك ويستخدم نفس الاسلوب في سبيل ادانتك، قد يفسر عدم رفعك علم الكويت في العيد الوطني خيانة أو سماعك للشيخ عايض القرني طعن الكويت في الخاصرة لانه قد رثى صدام بعد مماته. وتذكر المقولة الشهيرة: انما أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
هل ستعتبر هذه المقالة دليل ادانة، لكن أفكاري ليست شاذة فهناك من اعتبر أن ردة الفعل على التأبين مبالغ فيها وهم (أرجو أن لا يفهم أحد أني أحرض على تخوينهم):
جاسم بودي :
ساجد العبدلي:
بوسند:
أرجو عدم اعتبار هذه القالة سابقة خطيرة حيث أني تناولت موضوع التأبين من دون أن أعلن ولائي من خلال الاساءة للنائبين الفاضلين أو من خلال اعلان الاعتراض على فعلتهما، يمكنك تخيل أن من كتبها معترض أو مؤيد للنائبين لا فرق بالنسبة لي.
ولمن يبحث عن الحكمة أذكره بهذه الرواية "أنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال"