لماذا أعتقد أن على الأطباء الاعتراض بشدة لما يحصل للدكتور عمران؟
لا أتوقع من كل الأطباء أن يدافعوا عن حقوق الانسان، ولكن أتوقع منهم أن يهتموا بكل ما يسهل أو يصعب علاج مرضاهم.
الأمراض النفسية والعصبية كثيرة ومتنوعة، وكثير من الناس معرضين للاصابة بمرض نفسي في أي مرحلة من مراحل حياتهم. بعض هذه الأمراض النفسية يصاب بها الانسان بسبب عوامل وراثية وبعضها بسبب عوامل بيئية وبعضها الاخر بسبب عوامل بيئية ووراثية معاً. بمعنى أن لا ذنب للمريض بما أصابه. وحتى لو كان هو الذي وضع نفسه في بيئة مسببة للمرض النفسي، لا يجوز للطبيب أن يلوم المريض ولكن عليه أن يبذل قصارى جهده في سبيل علاج هذا المريض وبغض النظر عن أسباب المرض.
من المشاكل التي تواجه من ابتلى بمرض من هذه الأمراض الخوف من العار الذي قد يلحق به ان عرف الناس عن مرضه أو ان عرفوا أنه يراجع طبيب متخصص بالأمراض النفسية. الخوف من العار مبرر لأن مجتمعنا يحتقر المريض النفسي وكأن المرض كان من اختياره. ولذلك تسعى الحكومات المحترمة الى زيادة وعي الناس بما يخص الأمراض العصبية والنفسية وتعليمهم أن المرض النفسي كالمرض الجسدي يحتاج المريض الى علاج والى رعاية ولا يحتاج الى ضغوطات نفسية اضافية بسبب نظرة المجتمع الخاطئة.
محاولة الحكومات المحترمة وبعض المنظمات المهتمة بصحة الانسان العقلية بتغيير موقف المجتمع السلبي اتجاه هؤلاء المرضى يصب في اتجاه تشجيع المرضى على طلب العلاج وعلى الاستمرار به وتحمل كل سلبياته. من الطبيعي أن يحمل الأطباء المختصين بالأمراض النفسية والعصبية هذا الهم أيضا، ومن الطبيعي أن يتمنى هؤلاء الأطباء أن تتغير نظرة المجتمع اتجاه هؤلاء المرضى لكي يسهل علاجهم.
لكن اذا استخدمت الحكومة مستشفى الطب النفسي كعقاب لمن يعارضها، سترسخ مفهوم المجتمع الخاطئ بما يتعلق في هذا المكان وفي كل من يتعالج فيه. بهذا الموقف تسير الحكومة بعكس اتجاه الحكومات المحترمة كالعادة. لذلك يجب على كل المتخصصين في الطب النفسي الاحتجاج على هذا الموقف السيء من قبل الحكومة الذي يعقد عليهم مهنتهم ويصعب علاج مرضاهم.
في هذا الموضوع أنا لا أدافع عن الدكتور عمران ولكن عن شريحة من المرضى يعانون من اهمال حكومي ومن مجتمع قاسي عليهم، بدل أن تغير الحكومة نظرة المجتمع تعطي انطباع أن المرض النفسي عار تسطيع أن تشوه به سمعة من يعارضها.