لم يذكر لنا التاريخ عن العلاقات السياسية الخارجية في الكويت في الفترة ما قبل مبارك الكبير، ولا أقصد هنا الحروب أو العلاقات التجارية، وانما أقصد بالعلاقات السياسية هو مجرد التواصل بين حاكم الكويت أو ممثل عنه وبين حاكم كيان سياسي اخر. حيث كانت الثقة معدومة مع جيران الكويت وما قصة بناء السور الا خير دليل على الخوف من الغرباء.
ولكن في عصر الشيخ مبارك الكبير بدأت الكويت تنفتح أكثر على الجيران وكان هناك صداقة قوية بين الشيخ مبارك وبين الشيخ خزعل حاكم المحمرة والأهواز وبين السيد طالب النقيب حاكم البصرة. كانت الأهواز والبصرة كيانات سياسية مستقلة ولكنها ضاعت بسبب التدخل الانجليزي في ذلك الوقت حيث تم ضم البصرة الى مملكة العراق والأهواز الى امبراطورية الشاه الايراني بعد نشوب الحرب بين عرب تلك المنطقة وبين الجيش الشاهنشاهي ولم تنتهي الحرب الا عندما خُدِع الشيخ خزعل على يد الانجليز وتم تسليمه الى الشاه.
قد يقول قائل أن فرصة قيام كيان مستقل في البصرة كانت فرصة ضعيفة بسبب التداخل الاجتماعي مع أهل الشمال (العراق) وتشابه العادات والتقاليد. ولكن هذا صحيح في الوقت الحالي وليس دليل على أن الوضع في ذلك الوقت كان شبيها بما نراه اليوم. بل ان التقارب والتداخل الاجتماعي في تلك الفترة أقوى بين البصرة والكويت والأهواز الى درجة أن هناك من يدعي أنهم كانوا متجهين الى اقامة كيان موحد على أيدي حكام هذه المناطق بسبب الصداقة التي كانت بينهم.
نعم عزيزي القارئ، الشيخ خزعل الكعبي هو صديق الشيخ مبارك الكبير، وكان ما يميز هذه العلاقة هو الاحترام الشديد، فهناك وثائق ومراسلات تبين كيف كان الشيخ مبارك يخاطب فيها الشيخ خزعل، في احدى هذه الرسائل كان يخاطبه بالوالد (أو ما شابه لا أذكر جيدا) من شدة احترامه وتقديره لمنزلة الشيخ خزعل.
بني كعب الذين شنوا حرب على الكويت في سنة 1783 أصبحوا أصدقاء للكويت بعد 120 عام تقريبا من هذه الحرب.
قصر الشيخ خزعل في الكويت هو دليل اخر يضاف الى الوثائق والمراسلات القديمة على هذه الصداقة بين حاكم الكويت وحاكم الأهواز. للأسف لم أجد الكثير عن تاريخ بناء القصر وكيف انتقلت عائلته الى الكويت. كما هو معروف أن أحفاد الشيخ خزعل هم كويتيون الان، ولكن لا أعلم كيف انتقلوا الى الكويت. هل كان عنده زوجة ثانية تعيش في هذا القصر وهؤلاء أولادها؟ أم أنهم هربوا من المحمرة بعد أسر والدهم رحمة الله عليه على يد الشاه الايراني؟ أم أنها كانت هي هجرات متاخرة عن عهد الشيخ خزعل التي نقلتهم الى الكويت؟
ان كان هناك مدون من احفاد هذا الشيخ الكبير أرجو أن يجيبنا على هذه التسؤلات.
المهم أن هذا القصر المهدوم يحكي لنا قصة تعتبر جزء مهم من تاريخ الكويت، فأيهما أهم أن نحافظ عليه ونرممه حتى يبقى للأجيال القادمة، أم نهدمه ونبني مكانه مجمع تجاري حديث وشقق سكنية؟
مهما كانت القصة وراء المباني التاريخية ، يجب الحفاظ عليها وابقائها للمستقبل، لأنها ليست ملكنا وليست حتى ملك الورثة. هي تعتبر امتداد تاريخي للبلد، تحكي لنا قصص من حقنا أن نعرفها ان كانت قصص مفرحة أم محزنة، فيها ما يجعلنا أن نفتخر به أم ما نخجل منه، وهي كذلك تصور لنا حياة الماضي وكيف كان الناس يعيشون على هذه الأرض. وكما يقال "اللي ما له أول، ما له تالي"
-----
مصدر الصورة
ملاحظة: كلمة أهواز هي الصحيحة وليس أحواز، اقرأ تعليق الأخ سفيد على هذا الموضوع