عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية خبر انتشار انفلونزا الخنازير «h1n1» بين البشر اتخذت الحكومة البريطانية اجراءات مدروسة بشكل سريع وبالنسبة للمراقبين كانت وكأنها على علم بالمرض قبل انتشاره، صحيح أنها كانت بالفعل مستعدة لمرض شبيه كان متوقع انتشاره وهو انفلونزا الطيور، ولكن سرعة اتخاذ القرارات والتعامل مع وباء جديد غير معروفة أخطاره بشفافية كاملة جعل أحد الخبراء في المجال الصحي ومنذ الأيام الأولى أن يصف بريطانيا على أنها أفضل مكان في العالم للبقاء فيه عندما ينتشر الوباء.
كان التعامل مع المرض مقسم على مراحل، حيث بدأت المرحلة الأولى وهي مرحلة احتواء الانفلونزا مع اعلان منظمة الصحة العالمية عن بداية انتشاره بين البشر، في تلك المرحلة كانت الاجراءات تشمل فحص كل حالة في المختبر وعزل المصابين وعوائلهم داخل بيوتهم، واعطاء المصابين وكل من كان على اتصال معهم التامفلو أو الرلينزا. الجدير بالذكر أن المصابين كانوا يبقون في منازلهم امتثالا لتعليمات الحكومة بدون أن يكون هناك مراقبة عليهم، كانت تغلق المدرسة التي تظهر فيها حالة للانفلونزا لمدة اسبوع، ويتم اعطاء كل التلاميذ مضاد الانفلونزا (التامفلو أو الرلينزا) كاجراء احترازي.
ولكن بعد زيادة حالات الاصابة بالانفلونزا كان من المستحيل الاستمرار مع سياسة الاحتواء، ولهذا السبب انتهت مرحلة الاحتواء وبدأت مرحلة العلاج، وتضمنت اجراءات هذه المرحلة بعض الأمور منها أن من تظهر عليه الأعراض لا يجب عليه انتظار الفحص المخبري للحصول على الدواء، ولكن يتم تشخيصه اكلينيكيا ويتم معالجته على هذا الأساس، وفي هذه المرحلة لا يتطلب معالجة كل من كان على اتصال مع المصاب، وانما اعطاء الدواء لمن يعتبرون من المجموعات التي تسبب عليهم الانفلونزا مخاطر عالية كمرضى الربو وكبار السن والحوامل ومن يعانون من نقص في جهاز المناعة.
وفي هذه المرحلة لا يعزل الا من ظهرت عليه أعراض المرض ولا يجب اغلاق المدارس الا في حالات استثنائية تتحمل مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار الحكومة المحلية والى الان لم يتم اغلاق أي مدرسة في هذه المرحلة.
وفي كلتا المرحلتين اخر ما يجب أن يفعله من ظهرت عليه أعراض الانفلونزا هو الاسراع الى مراجعة الطبيب، لأن من يراجع الطبيب سيبقى في قاعة الانتظار خارج العيادة وسينقل العدوى الى كل المراجعين ومنهم من المجموعات عالية الخطورة.
ولتجنب تحويل أماكن الانتظار في المستوصفات الى أكثر الأماكن خطورة لانتشار العدوى يجب على المصاب أن يتصل هاتفيا بالطبيب وشرح أعراض المرض أو الدخول الى صفحة مخصصة على الانترنت للتعامل مع وباء الانفلونزا، فيها يطلب من المصاب الاجابة عن بعض الاسئلة وبعدها يتم اعطاؤه رقما خاصا لصرف الدواء، وعليه أن يكلف صديقا أو أحد أفراد العائلة لصرف الدواء من الصيدلية.
تقييم المرحلة الثانية مستمر وقد تتغير الاجراءات فيها بأي لحظة وخاصة أنهم يحضرون الان للزيادة الكبيرة في حالات الانفلونزا المتوقعة في الشتاء القادم.
بعد ذكر كل هذه الاجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية التي فاقت نصائح منظمة الصحة العالمية بشكل كبير، قد يعتقد القارئ أنهم راضون عن هذه الاجراءات ومكتفون بها ولا يوجد ما يمكن التعلم منه للمستقبل، وهذا غير صحيح فمن المتوقع أن تكتب عشرات الكتب وتنشر مئات المقالات العلمية لتقييم هذه التجربة بعد الانتهاء منها للاستفادة منها بأسلوب علمي وللتعلم من الأخطاء وكل هذا من أجل التحضير للوباء القادم الذي لا أحد يعرف متى ينتشر مرة أخرى؟
7 comments:
السلام عليكم أخ صلاح
كل عام و أنتم و أسرتكم الكريمة بخير و عيدكم مبارك مقدما
:)
أنامن متابعيكم من وراء الكواليس و ولهنا عليكم انت و الاخت منال و الاخ ماكس و الاخ بو محمد كل بين فترة و الثانية نبطل بلوقاتكم نشوف مافي شي يديد
:)
بالنسبة لموضوع انفلونزا الخنازير أنا ما أقول الا الله يستر علينا بالديرة الاوضاع ما تبشر بالخير و اجراءتنا هي الاجراءات المعتادة: الله الحافظ - ماكو الا العافية - إن شاء الله خير!!!
مبارك عودتكم و بانتظار جديدكم و جديد بقية الاخوة
دمتم برعاية الله
لماذا لا نستفيد من تجربة بريطانيا مع الإنفلونزا ؟
Because we're a third world country.
Welcome back.
حسرة علينا
:/
مثل ما اسلفت يا استاذي العزيز
هم كانوا متهيأين من قبل انتشار المرض
و ثانيا سرعة التنسيق و التنظيم جعلهم يحتوون المرض اكثر من المتوقع
ما اروع الإدارة التي على قدر المهام والمسؤولية
maybe because they actually care about their people and the disease, not just their political agendas!
هنا الكويت.
Post a Comment