Saturday, 6 March 2010

خليج العرب والعجم


بحر المانش عند الفرنسيين أو القناة الانجليزية عند البريطانيين هو الذي يفصل الجزر البريطانية عن فرنسا وعن أوروبا، هذا البحر أو لنسمه في هذه المقالة قناة الانجليز تحيزا لمكان اقامتي الحالي ولذلك سيتحول اسم الاشارة من مذكر الى مؤنث، فهذه القناة قد اطلق عليها هذا الاسم منذ القرن الثامن عشر وكان الاسم الذي سبق قناة الانجليز هو البحر البريطاني، أما تسمية الفرنسيين بالمانش فتاريخها يرجع الى القرن السابع عشر، ويطلق عليها سكان مقاطعة بريتني في فرنسا بحر بريتني، وهذه ليست كل الاسماء التي تطلق على هذه القناة التي مساحتها لا تتعدى ثلث مساحة الخليج العربي.

هذه القناة شهدت حروبا بين الطرفين وبين أطراف أخرى منها حروب نابليون والحرب العالمية الاولى والثانية، ولكن لم يكن الاختلاف على الاسم سبب أي من هذه الحروب، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية ودعت هذه القناة الحروب الى الأبد ولم يكن من أسباب السلام الدائم تغيير الاسم، لا تزال الاسماء المختلفة متداولة بلا حساسية، فقد تم افتتاح أول نفق يربط الاراضي البريطانية والاراضي الفرنسية بعد الانتهاء من مشروع مشترك بين البريطانيين والفرنسيين، كانت خطة العمل أن يبدأ الفرنسيون بالحفر من الجانب الفرنسي، بينما يبدأ البريطانيون من الجانب البريطاني ويستمر الحفر الى أن يلتقي الطرفان بالمنتصف تحت مياه القناة، أثناء هذا المشروع كان البريطاني يقول اننا نحفر تحت القناة الانجليزية والفرنسي يؤكد أنهم يحفرون تحت بحر المانش، ولكن بالنهاية لم يخلق لهم اختلاف الاسماء أي مشكلة وكانت لحظة التقائهم بالمنتصف ايذانا بابتداء الاحتفالات بهذا النجاح وانتهوا من المشروع في شهر نوفمبر 1994، قد يكون مثل هذا التعاون الذي كان ينشده السيد مجدي الظفيري سفيرنا في طهران فلا داعي للتشنج فالاختلاف على الاسماء لا يجب أن يفسد في الود قضية، كل جهة لها الحرية أن تطلق على ما تريد من أسماء، مع أهمية احترام التاريخ وعدم استبدال الاسماء التاريخية القديمة بسبب تعصب قومي أو ديني، والأخطر من استبدال الاسماء التاريخية هو تزوير التاريخ فلا يجوز أن يكون من عاداتنا انكار الحقائق لمجرد أنها لا تتماشى مع الأهواء، يقال ان العرب كانوا يطلقون على الخليج بحر العجم أو بحر الفرس ووجدت أسماء أخرى للخليج كان يستخدمها العرب مثل خليج البصرة وخليج البحرين وخليج القطيف وأما اسم الخليج العربي فكان يطلق على البحر الأحمر في وقت من الأوقات، لم أجد مصدرا عربيا موثقا يؤكد هذه المعلومات ولكن هل يستطيع أي باحث في التاريخ أو الجغرافيا التأكد من هذه المعلومات بحرية كاملة وبتجرد؟ أتمنى.

الاسم الان في الجانب العربي أصبح الخليج العربي ولا يمكن تغييره فلا داعي للتخوف من الحقائق التاريخية، فقد دخلت هذه التسمية التاريخ الحديث وأصبح هذا الاسم هو المستخدم من قبل العرب، وكان باستطاعة الخليجيين اقناع الامم المتحدة باضافة اسم الخليج العربي كاسم مرادف للخليج الفارسي لو كانت محاولة اقناعهم مبنية على ضرورة احترام ما اختارته الشعوب من اسماء للجغرافيا وعدم محاولة تزوير التاريخ والجغرافيا.

تاريخ النشر: 2010/3/7

الغرفة المقدسة


تحركات النائب الدكتور حسن جوهر من أجل اضفاء الشرعية القانونية لغرفة تجارة وصناعة الكويت أثارت حفيظة البعض، بحيث لم يكتف هؤلاء بابداء موقف سياسي معارض لهذه التحركات أو حتى العمل من خلال القنوات البرلمانية لعرقلة تحركاته، وهذا برأيي المتواضع مشروع وان لم نقتنع به، لم يكتف هؤلاء بالعمل المشروع ولكن أصبح هجومهم على شخص النائب المحترم والتشكيك بنواياه والاساءة الى سمعته، كانت ردة الفعل عنيفة وغير منطقية لهذه التحركات، وصدرت للاسف الشديد من قبل شخصيات نكن لها كل احترام، ولكن نستغرب موقفهم ولا معنى له مع كل أسف الا مدارات لمصالحهم الشخصية فقط، وبعكس ما عودونا في مواضيع أخرى كانت حججهم واهية وغير منطقية، يقولون إن للغرفة تاريخا مشرفا لدعم الديمقراطية، ولكن التاريخ لا يغني عن تشريع ينظم عمل المؤسسات أيا كانت، ويقولون هي مؤسسة شعبية مستقلة ومجلس الأمة سيجعلها تحت وصاية النواب، وعجيب هذا الرأي بل أغرب ما قيل حول هذه القضية، كيف خفى عن قائله أن كل المؤسسات الشعبية لا تخرج عن مظلة القانون وأنها كلها لا تعمل الا تحت الضوء وأمام الجميع ولا يجب أن يكون فيها ما تخفيه،والدولة هي من يجب أن تنظم عمل المؤسسات اذا كان لها أثر مباشر أو غير مباشر على عامة الناس، وهذا يشمل كل المؤسسات الشعبية والخيرية والتجارية وحتى ان كان تمويلها بعيدا بالكامل عن المال العام، وغرفة تجارة وصناعة الكويت يجب ألا تستثنى من هذا المبدأ.

حتى لو افترضنا أن بالفعل وضع الغرفة القانوني لا تشوبه أي شبهة دستورية وما تقوم به من أعمال كلها قانونية مئة بالمئة، لست قانونيا ولا خبيرا دستوريا ولكن من باب وضع الفرضيات لمحاولة فهم موقف من انضم الى حملة نصرة الغرفة، حتى لو كانت قانونية هل يعني هذا أنها مقدسة ولا يمكن انتقادها، هناك مثال من بريطانيا نذكره هنا من أجل توضيح أهمية تدخل السلطات في عمل المؤسسات المستقلة عند الضرورة، في نهاية التسعينيات قيمت الحكومة البريطانية عمل الهيئات والمنظمات المهنية ووجدت أنها بحاجة الى تطوير وان بعضها بحاجة الى تغيير بالكامل، ورغم أن هذه الهيئات عرفت باستقلاليتها منذ وجودها ورغم أن بعضها يرجع تاريخها الى بدايات القرن التاسع عشر الا أن تاريخها واسقلاليتها لم يشفع لها ولم يمنع الحكومة من التدخل وارغامها على التطوير والتغيير الذي من شأنه أن يحفظ مصالح عامة الناس الذين قد يتأثرون بعمل هذه المنظمات بشكل مباشر أو غير مباشر.
بالنهاية لا يوجد مقدس في دولة المؤسسات، واذا كان الدستور معرضا للتنقيح والتعديل فكيف يستثنى ما هو دونه من الناحية القانونية والدستورية.