Wednesday, 22 April 2009

مفاتيح التغيير 3



هناك نظرتان للأوطان، الأولى تصور الوطن على أنه قطعة أرض وتعتبر هذه الأرض امتدادا للاباء والأجداد الذين عاشوا عليها وشاركوا في بناء الماضي وفي صياغة تاريخ الوطن، ولهذا يرى من يتبنى هذا التصور أن حقوق أحفاد هؤلاء الأجداد تفوق حقوق غيرهم ويجب أن يتمتعوا بميزات خاصة ويعاملوا على أنهم وليس غيرهم بالمواطنين الحقيقيين، أما البقية فهم مواطنون من الدرجة ثانية. 

أما النظرة الثانية لا تعترف بتاريخ الفرد فهي لا تعطي أي امتياز لانجازات الاباء والأجداد، قد تحفظ معروفهم من خلال تخليد أسمائهم وتحفظ ذكراهم في صفحات التاريخ والمتاحف وأحيانا تقيم لهم التماثيل في ميادين الدولة، ولكن لا تميز او تكافئ أبناءهم وأحفادهم. الأهم في هذا التصور هو حاضر الفرد وقدرته على العطاء لوطنه، الفرد بغض النظر عن لونه أو جنسه أو أصله أو حتى جنسيته، في حالة حصوله على اقامة تسمح له بالعمل، يحظى باهتمام الدولة لأنه انسان بالدرجة الأولى ولأن له قيمة اقتصادية بمجرد أنه قادر على العمل والانتاج. هي فلسفة قديمة عنوانها «ليس الفتى من قال كان أبي ان الفتى من قال ها أنا ذا». 

التصور الأول موجود حتى في الدول المتقدمة، حتى لو لم تعترف به حكوماتهم الا أنه موجود في كل مكان وتتفاوت الدول في مدى التأثر به، وأعتقد أن الولايات المتحدة أقل دول العالم تأثرا به واستطاعت أن تثبت للعالم أن التصور الثاني ممكن تطبيقه على أرض الواقع، طبعا في الداخل فقط وليس في علاقاتها مع الدول الأخرى والشعوب الأخرى. ولكن في داخل حدودها وعلى أراضيها التزمت بهذا التصور ولو لا هذه الفلسفة لما استطاع أوباما أن يتسلق الى أعلى السلم السياسي ويصل الى قمة السلطة وهو ابن مهاجر كيني مسلم، ولما استطاع العالم الكيميائي أحمد زويل أن يتميز ويفوز بجائزة نوبل وهو مهاجر مصري، وغيره الكثير من العلماء الذين ما كانوا ليصلوا الى ما وصلوا اليه لو أنهم كانوا يشعرون بأي تمييز ضدهم. 

المساواة مبدأ أساسي لتحقيق النجاح، ليس لمصلحة الفرد المستفيد من الانصاف وحسب، ولكنه مبدأ ضروري لتقدم وتطور الدولة بشكل عام. المساواة الكاملة التي ترفض كل أنواع التمييز هي المطلوبة، ولكن كيف لنا أن نغرس مبدأ المساواة في نفوس الناس؟ عندما نكون ضحية التمييز نقتنع بأهمية هذا المبدأ ولكن عندما يكون التمييز ضد ناس اخرين ننقسم بين غير مبالين أو مؤيدين لهذا التمييز. 

---------
تاريخ النشر : 

6 comments:

Yin مدام said...

Very true

ماكو شي إسمه مساواة مطلقة
والتمييز موجود في كل مكان
حتى ولو حققوا هذه الأمور ظاهريا في الولايات المتحدة باطنيا يتواجد التمييز

ولكن هناك قانون يلزم بالمساواة
ويوجد تطبيق لهذا القانون

الواحد يحاول كثر ما يقدر يصلح من نفسه
والله يكتب لنا ونشوف تطبيق ظاهري للمساواة عندنا
مع إن دينا دين المساواة

"ما أدري لين متى أبوي وجدي وخالي وعمي وقبيلتي وجد أبو اللي يابني سوا
إنزين أنت شسويت ؟
ولا شي .. كافي اللي سووه أجدادي!!"

شكراً لك
بوست جدا مهم
:))

Manal said...

موضوع مهم واساسالتطور والارتقاء بمجتكع افضل

المساواة اساس التقدم
لان بالمساواة الكل يقدر يبدع ويبذل مجهود
والمستفيد المجتمع بعد ان يحصد الفرد نفسه مجهوده

ياتي في بالي وضع الايدي العاملة والمعاشات

وغيرها وايد


الله يفرجها

بو محمد said...

بوصلوح الغالي
أي فكرة تتبناها أمة أو دولة أو سلطة لا بد من خدمة معينة تقدمها هذه الفكرة لها حتى تلتزم بها
لأن العمل هنا غير مقرون بالحزاء الأخروي بل النظر كله منصب على الدنيا و جزائها
و من خلال هذه الفكرة
شهد التاريخ مثلا احتجاج الدولة العثمانية بنشر الإسلام و توسيع حدود الدولة الإسلامية و حمايتها في حين انها ملخت أبناء الدولة و الأبرياء ممن لم يكونوا من عرقيات تركية تملخ و المسألة كلها كانت مصالح شخصية بحته، شوف مثلا حادثة ملكة النمسا و قائد الجيش العثماني الذي حاصر النمسا مثلا و ستجد فيها أقذر الأحداث، أي اسلام، أكو مثله وايد هالأيام ترا، هذا من ناحية
من ناحية أخرى، انا على يقين بأن لو أرادت الدول تدعيم أسس المساواة لفعلت و لكنها لا تريد ذالك، بل على العكس ترسخ أي مبدأ من شأنه ترسيخ التفاضل الكاذب حتى تشغل هذا بذاك
و الا قول لي، واحد يدعي أن جده بنى دولة ما و هو يهدمها، أي منطق و أي عقل يهضم فكرة كهذه، و أي أحقية تهبها له الدولة لتقنين فعله

بسم الله الرحمن الرحيم
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

أتمنى من الله العلي القدير أن يرزقنا القدرة على تغيير ما بأنفسنا

دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله

Yang said...

تصدق عاد, لو اوباما ابوه مهاجر الكويت, جان الحين اوباما بدون.

لوووووووووووووول

اعتقد الشيخ محمد عبده قال هالمقولة حين زار امريكا فسألوه:
ماذا وجدت في أمريكا؟
رد قائلا: وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين.

تحياتي

Safeed said...

الاولى دولة مستبدة جامدة ، و الثانية دولة حية متحركة
صحيح أن المساواة لا تنفي التمايز (و ليس التمييز)،لكنها في نفس الوقت توفر كل الامكانات لابراز هذا التمايز لجميع الاشخاص،مساواة بالفرص المتوافرة و منها يكون التمايز

الحالة الأولى أظن أنها (عطالة)كما سماها احمد حيدر و هي احدى حالات صيانة الحياة من خلال انتصار المصلحة المباشرة على المصلحة التاريخية و الخير الجزئي على الخير الكلي

يعني ابقاء المصلحة في حدود ضيقة آنية .. مقابل ما توفره المساواة من مصلحة تظهر لفترات تاريخية طويلة

و هذا هو بالضبط حالنا في الكويت بل و في معظم بلدان الخليج و الشرق

إذا أردت زرع المساواة .. فحول الاهتمام إلى المصلحة التاريخية و غلبها على المصلحة المباشرة

Dr. Ali Maarafi said...

برأيي
نحن بحاجة الا كلا المفهومين فالماضي اصيل و ويعتبر لنا تاريخ من خلاله نتذكر وين كنا و شصرنا الحي بغض الظر عن التترهات اللي تقول انت ولد منو و شوف نسبك و هالسوالف اللي نبذها الدين بشرط التقوى

اما الحاضر فكما اسلفت الفرد و انتاجه
المساواة اساس التقدم و النجاح يا بومهدي بس الاهم تطبيق هذي المساواة احنا اللي قاعد نشوفه هالايام تفرقة مو طبيعية قايمة على اسس الطائفة و القبيلة
الله يعينا