من يجب عليه حسن الاختيار!
بعض الزملاء حذروا الناخبين بأن الكرة في ملعب الشعب وحثوهم على حسن الاختيار، لا أشك في نياتهم ولا أقلل من مدى حرصهم على الكويت وعلى مستقبلها، ولكن لنكن واقعيين، الناس لا يجدون سببا كافيا يتغيرون من أجله. أغلب الناس يختارون على أسس خاطئة، ولهذا تجد أن أغلب من يختارونهم أقل من الطموح بل أن بعضهم يعتبر سبب التأزيم وعقبة في طريق الاصلاح. من خلال التجارب السابقة التي مرت على الكويت والتي حذر فيها الجميع من خطورة الاختيار على أسس طائفية وقبلية وطبقية، ومن خلال ما حصل في كل انتخابات وما نتجت عنه، يتضح لنا أن الناس لا يتركون عاداتهم وأطباعهم بسبب هذه التحذيرات.
لو كان هناك معيار واضح يستند عليه الناخب لكان هناك مصداقية أكبر لهذه الدعوات، عندما اتفقت القوى السياسية على قضية تقليص الدوائر الى خمس في انتخابات 2006، كانت الصورة واضحة بالنسبة للناخب فاما الاصلاح من خلال اختيار نائب مؤيد للتقليص وإما الاستمرار في وضع فاسد ومسيء الى الديمقراطية. كانت الرسالة واضحة بالنسبة للناخب، صحيح أن الدوائر الخمس فشلت في تحقيق الاصلاح لكن بالنهاية الناخب أدى ما عليه وتجاوب مع من كان يطالبه بحسن الاختيار.
لكن في هذه الانتخابات ما هو تعريف حسن الاختيار وكيف سيحقق من سنختارهم الاصلاح؟ الصورة غير واضحة وفيها ظلم للناخب لأنها تحمله أكثر من طاقته. نعم يجب على الجميع حسن الاختيار اذا كان المقصود هو عدم قبول الرشوة المباشرة أو غير المباشرة من أي مرشح، واذا كان حسن الاختيار هو عدم قبول مخرجات الفرعيات وعدم قبول أي مرشح يكسر القانون. لكن يجب ألا نخدع الناخبين ونوهمهم أن مشكلة البلد ستنتهي من خلال حسن الاختيار فقط. أولا كيف يحسن الاختيار من لا تتوافر الكفاءة في منطقته كما هو معروف عن بعض المناطق بسبب الفرعيات أو بسبب شراء الأصوات، وثانيا في هذه الدعوة تبرئة الحكومة مما اقترفت يداها بحق الدستور والديمقراطية.
الكرة طول عمرها في ملعب الحكومة، منذ أن أصبحت الراعي الأول والأخير لمصالح المواطنين والعائل لهم وولي نعمتهم والمربي والمفتي، ومنذ ذلك الحين والحكومة ترعى كل صفة مسيئة للديمقراطية في نفوس المواطنين، طول عمرها ـ الحكومة ـ ترعى الانتماءات القبلية والطائفية وتشجعها فما الذي تغير الأن؟
منذ أن حل مجلس الأمة وحتى انعقاد أولى جلساته يجب أن تكون أوليات الحكومة منصبة في اتجاه واحد فقط وهو التخطيط، يجب أن ترجع حكومة قوية ذات توجه واضح لما تريد أن يكون عليه البلد في المستقبل القريب والبعيد، يجب عليها أن تعمل على مدار الساعة من أجل وضع خطة لانقاذ البلد وللاصلاح السياسي، وهي مسؤولة بالدرجة الأولى عن تردي هذه الأوضاع، ويجب أن تحمل على عاتقها تثقيف الشعب ديمقراطيا ومعالجة كل الأمراض الطائفية والقبلية والطبقية. يجب عليها أن تعد خطتها للتعامل مع نواب لا يؤمنون بالديمقراطية فوصولهم الى قاعة البرلمان للأسف الشديد مضمون إما بسبب عدم وجود من ينافسهم وإما بسبب سوء الاختيار الذي تعود عليه الناخب بمباركة حكومية. على الحكومة أن تحول آمال وأحلام من يريد استغلال الكرسي الأخضر لمشاريعه الخاصة الى يأس وقنوط. عليها أن تؤمن بالديمقراطية حتى تطبقها بشكلها الصحيح وعليها هي أولا أن تحسن اختيار وزرائها.
تاريخ النشر : 04 ابريل 2009