معركة المناهج أو حرب المناهج كما يحلو للبعض أن يسميها بدأت منذ زمن طويل ولم تبدأ مع فوز النائب عدنان المطوع. كانت هناك محاولات كثيرة من قبل نواب سابقين بعيدا عن الأضواء لإزالة بعض المواد التكفيرية من مناهج التربية الاسلامية، وخاصة أن هذه المواد لا تكفر الشيعة وحسب، وانما تكفر حتى أهل السنة والجماعة ممن يرون بجواز زيارة أضرحة الأولياء الصالحين كما هو منتشر في سورية ومصر ودول المغرب العربي، ينقل أن هذه المحاولات البعيدة عن الضجة الإعلامية نجحت بإقناع وزيرة التربية والتعليم السابقة بخطورة هذه المناهج وكيف أنها مضرة بالوحدة الوطنية ومسيئة الى شرائح المجتمع الكويتي، ولكن للأسف لم تنتج هذه القناعة أي عمل لإصلاح الأوضاع ولعل السبب يعود الى ضعف الوزيرة بمواجهة قوى تكفيرية تغلغلت في وزارة التربية أو أنها لم تحصل على الدعم السياسي الكافي من قبل أضعف الحكومات في التاريخ.. نحن نعيش في عصر الحرية والانفتاح ويجب علينا احترام الآخرين حتى لو لم تعجبنا عقائدهم، ومشكلة التكفيريين أن عقيدتهم نتج عنها هدر الدماء، ومن ثم قتل وتفجير وارهاب لكل من اختلف عنهم كما حدث في مناطق أخرى من العالم، وليس من الحكمة أن نستبعد حصول هذه المآسي عندنا ونحن نشهد انتشار ذات الفكر التكفيري في بلد لا يحتمل الفتن ولا يحبها، التسامح ضرورة العصر مع أصحاب المعتقدات المختلفة سواء أكانوا كويتيين أم غير كويتيين أو كانوا يعيشون معنا أم بالخارج لأن الكويت جزء من عالم أشبه بقرية صغيرة تنتشر فيه أديان ومذاهب شتى للإعداد، لذا فإن عقيدة التكفير خطر على مستقبلنا وعلى مستقبل أبنائنا وهي لا تصلح لأن تكون جزءا من التعليم العام ولا يجب أن تكون قضية نواب شيعة فقط، بل يتوجب على كل النواب الوطنيين تبنيها. لأن عدم تقبل الآخر من العوامل الرئيسية لتأخر المسيرة الديمقراطية، ومن ينشد الاصلاح السياسي فإن أول ما يجب أن يكون على سلم أولوياته نشر التسامح وتقبل الآخر وايقاف من يثير الفتن عند حده.
أحد الكتاب توعد من يحاول تغيير المناهج بأنه وجماعته سيستمرون بتعليم أبنائهم في البيوت (التوحيد الصحيح) على حد تعبيره ويقصد أنهم سيستمرون بتكفير الآخرين وتوريث الفكر التكفيري، وهذه سنة الحياة فاستمرار التكفير لم يتوقف منذ أيام الخوارج وسيورثون عقائدهم من جيل الى جيل. ولكن ماذا عن بقية المجتمع؟.. هل سيقبل الآخرون استخدام التعليم العام ومنابر الدولة لنشر ما يهدم أركان الدولة المدنية والمتحضرة؟ لا أعتقد ذلك وسنظل نراهن على حكمة العقلاء.
تاريخ النشر : 01 يونيو 2009