لكسمبورغ مدينة صغيرة، من أصغر المدن في أوربا، وهي عاصمة لدولة تعتبر من أصغر الدول في تلك القارة، هذه الدولة اسمها لكسمبورغ أيضا (سبحان الله) ما الذي كان يجب علينا أن توقعه من دولة بهذا الحجم! وصلنا الى لكسمبورغ يوم الكريسمس ولم نتفاجأ عندما وجدنا الشوارع خالية وكأنها مدينة أشباح، ولكن المفاجئة كانت عندما وجدنا الشوارع خالية في اليوم الثاني، لأننا تعودنا أن يكون اليوم الذي يلي الكريسمس في بريطانيا هو يوم التسوق ويوم التنزيلات واليوم الذي تنبعث فيه الحياة من جديد بعد سبات الكريسميس. في لكسمبورغ الحالة تختلف، عطلة الكريسميس ثلاثة أيام، من يلومهم؟
في لكسمبوغ يعتبر متوسط دخل الفرد الأعلى في العالم (ثلاثة أضعاف متوسط دخل الفرد في الكويت)، وفي الدول المتقدمة تكون المعاشات قريبة جدا من متوسط دخل الفرد، فاذا كانت التقارير تشير الى أن متوسط دخل الفرد يصل الى 100 ألف دولار في السنة، فان المتوقع أن أغلب الناس معاشاتهم لا تقل عن ال 40 أو ال 50 ألف دولار لأن هناك الثروة موزعة بعدالة أكبر من دولنا الاسلامية. وبسبب ارتفاع مستوى المعيشة هناك (على ما أعتقد) الناس لا يحتاجون أن يعملوا كل يوم 24 ساعة.
ولهذا السبب لم يكن هناك ما نفعله، حتى المطاعم مغلقة... مصيبة، فوائد قوم عند قوم مصائب! ولكن لحسن حظنا كان هناك كاسر العادات والتقاليد فقد وجدنا مطعم الوجبات السريعة الأمريكي (ماكدونالدز) في وسط السوق المغلق وكأنه ظاهرة سلبية يفتح أبوابه للجميع ويطعم الجائعين ويدفئ المثلجين.
هذه المدينة لم تكن محظوظة بنا ونحن لم نكن محظوظين بها! ليس لأنها كانت مهجورة فقط، لو كانت هذه المشكلة فقط لذهبنا وتمشينا بحدائقها الجميلة ولاستمتعنا بمناظرها الطبيعية التي تزين المدينة. فالمدينة تقع على مرتفع والمرتفعات والجبال لها سحر خاص لا يعرفه الا من صعد على قمة جبل كاظمة. فالمشكلة لم تكن بأهل المدينة الذين تركوها خالية ولم يستقبلونا ولم يفرشوا لنا السجاد الأحمر ولم ينثروا علينا الورود والزهور، لكن المشكلة كانت مع الجو الذي انقلب الى فريزر فجأة وأصبح التمشي في الخارج كالانتحار البطيء من شدة البرد. حاولنا أن نتمشى ونلتقط بعض الصور حتى بدأنا نهلوس ونسمع أصوات وكأنني أسمع نداء يقول يا أهل الكويت لقد تعودتوا على الحر وأصبحتوا جاهزين لحرارة جهنم والان يجب عليكم ان تتعودوا على البرد حتى تكونوا جاهزين لزمهريرها أيضا!
عندما فقدنا الأمل من أن نجد ما يشبع رغباتنا كسياح توجهنا الى فرنسا لنبحث عن مطعم يشبع بطوننا الجائعة، صحيح أن مطعم سيدي بو سعيد التونسي كان فاتح أبوابه كل يوم من أيام العطلة الا أننا كنا نبحث عن شيء مختلف فكانت النتيجة أننا وصلنا الى مدينة ميتز الفرنسية التي تبعد ساعة ونصف تقريبا عن مكان الفندق ودخلنا مطعم للمأكولات البحرية. كانت مهمة فك الطلاسم التي في المينيو هي من مهام طالبة اللغة الفرنسية التي ساعدتنا كثيرا في الترجمة، أو هكذا اعتقدنا حتى وصل الطبق الذي كان عبارة عن ربيان غير مطبوخ ومصفوف على الثلج وتوقعنا أن يطلبون منا تنظيفه قبل أن يطبخونه لنا! ولكن فهمنا أن هذا هو ما طلبناه وعلينا الاستمتاع بأكله كما هو (بس الصراحة الربيان الني لذيذ... انصحكم فيه... على الأقل توفرون غاز)
يقولون أن الناس يتكلمون في لكسمبورغ اما الفرنسية أو الالمانية أو اللكسمبورغية، لاحظ أن هذه الدولة الصغيرة فيها لغة خاصة بأهلها بينما جارتهم بلجيكا وهي أكبر مساحة وفيها أكثر أوادم ما عندهم لغة خاصة فيهم. المهم مع أن هذا ما يمكن أن تقرأه في الكتب وفي مواقع الانترنت التي تتكلم عن هذه الدولة لكن طوال فترة بقائنا هناك لم نسمع غير اللغة الفرنسية، صحيح أننا لم نرى الكثير من المواطنين هناك، لكن من كان هناك لم يتكلم غير الفرنسية.
لا أستطيع أن أنصحكم بزيارة لكسمبورغ أيام الكريسمس (فأنا عندي ضمير) ولكن زيارتها في أوقات ثانية قد تجدون فيها ما يرضيكم.
-------------
لقراءة الجزء الأول والثاني اضغط على التالي: