متى يصبح التعليم على سلم الأولويات في مجتمعنا؟ فكلما واجهتنا مشكلة بدأ الناس يطالبون بتأجيل العام الدراسي، وكأن التأجيل حل سحري لأي مشكلة على الاطلاق. في شهر رمضان من العام الماضي طالب نواب مجلس الأمة وممثلو الشعب بتأجيل العام الدراسة بحجة تزامن بدء العام الدراسي مع العشر الأواخر، كان سبب الاقتراح دينيا كما ادعى هؤلاء النواب، أما في هذه السنة فالخوف من انتشار وباء انفلونزا الخنازير أعاد علينا سماع اسطوانة تأجيل الدراسة مرة أخرى مع بهارات التهديد باستجوابات بالجملة، صحيح أن منظمة الصحة العالمية أوصت مؤخرا باغلاق المدارس وخاصة في الدول النامية، لكن كان التهديد والوعيد والمطالبة بتأجيل العام الدراسي سابقة لتوصية منظمة الصحة العالمية.
لا أريد أن أناقش مدى خطورة الفيروس وهل يعتبر فيروسا قاتلا أم فيروسا مسببا للوفاة أم فيروسا ضعيفا، فليس من الحكمة التهويل أو الاستهانة عند الحديث عن وباء سريع الانتشار مازلنا حتى الان لا نعرف كل شيء عنه وعن مستقبله، ولكن المحبط بالأمر أن الجميع اعتبر تأجيل الدراسة خير علاج له حتى ابدى البعض استعداده لاضاعة عام دراسي كامل بسبب خوفه من هذا الوباء، من دون حتى المحاولة لايجاد وسيلة أخرى للسيطرة على الوباء بأقل الاثار السلبية على التعليم وخاصة أن عامنا الدراسي يعتبر الأقصر في العالم كله ولا يحتمل أي خصم اضافي لعدد أيام الدراسة، نعم لا نعرف الكثير عن هذا الوباء لكن ما يتوافر من معلومات حتى الان يكفي لرسم السيناريو الأسوأ الذي ممكن حدوثه ومن هذا السيناريو يمكننا أن نعرف أن خطورة هذا الوباء أقل بكثير من خطورة الاخلال بالنظام التعليمي، قد تضطر الحكومة لاغلاق المدارس، لكن التوقيت مهم جدا والا أصبح الاغلاق عبثا لا فائدة منه. متى أفضل وقت لاغلاق المدارس؟ تساؤل مشروع لكن ليس على أعضاء مجلس الأمة التقمص بلباس الخبراء والاجابة عنه.
عذرهم أن المدارس غير مجهزة لمواجهة الوباء، ولا أعلم ان كان تأجيل اسبوع واحد فقط سيكفي لتجهيز كل مدارس الكويت، ان كان باعتقادهم أنهم خبراء في كل المجالات وأن بامكانهم معرفة مدى جهوزية المدارس فلماذا لم يضغطوا على وزارة التربية منذ بداية العطلة الصيفية لتجهيز المدارس بدلا من الضغط من أجل التأجيل، باعتقادي المسألة لا تتعلق بالخوف من الوباء بقدر ما تتعلق باستهانتهم بالتعليم، لو كان الخوف من الوباء هو ما يحركهم لوجدتهم يناقشون مدى خطورة الاختلاط في الاماكن المزدحمة الأخرى كالمساجد والأسواق والوزارات، ليت قومي يعلمون أن من خلال التعليم تتقدم الشعوب ومن خلاله نتغلب على المشاكل المزمنة التي يعاني منها المجتمع.
تاريخ النشر : 24 سبتمبر 2009