لا بد ان أبدأ هذه التدوينة بالسؤال التالي
هل ما يحصل في البحرين سببه الطائفية؟
وذلك لان كل من يريد ان يتناول موضوع ثورة البحرين مؤيدا كان او معارض او حتى محايد، يشير الى الأسباب الطائفية وكأنها حقيقة.
بالتأكيد ان وجود اغلبية شيعية وحكم سني وان هناك احتياجات معيشية يفتقدها الكثيرين من هذه الاغلبية وان المعتقلين والمنفيين السياسيين من هذه الاغلبية، كل هذه حقائق لا يمكن تجاهلها، (وبالنسبة للبعض التدخل الايراني وولاء هؤلاء لايران يعتبرونها حقيقة) لكن هذا قد يكون من اسباب عدم الاستقرار وقد يكون من اسباب الثورة ولكن بالتأكيد ليس السبب الوحيد.
لكن تعامل الجميع مع هذه المسالة على اساس طائفي له اسبابه، فكيف يمكن لكل من ايد المعارضة وهو شيعي يصبح طائفي، وكل من ايد القمع الخليفي وايد التدخل السعودي بغطاء درع الجزيرة (او الغزو حسب ما يفهم من القانون الدولي) فهو طائفي؟
اعتقد ان بذور الثورة وعدم الاستقرار متوفرة في كل الدول التي لا يوجد فيها نظام سياسي يحقق تمثيل عادل لكافة اطياف الشعب. يعني الثورة ممكن ان تنفجر في اي دولة من دول العالم الثالث ولا يوجد استثناء. ولكن ما يعجل حدوثها هو وقوع الظلم البيّن على غالبية الشعب المتمثل بتهديد مصدر الرزق والحرمان او الاعتداء على مقدسات الناس. اما ما يمنع حدوث الثورة فهو شيء واحد لا غير وهو الشروع بالإصلاح السياسي وعدم التأخر به. والناس في عصر الحريات لن يقبلوا بغير الحرية ولن يقبلوا الا بان يحكموا انفسهم بانفسهم او كما قالت البنت المصرية ايام ثورة المصريين (احنا عاوزين نشيل رئيس ونحط مكانه رئيس). قد يصبر الناس على النظام اذا وجدوا ان هناك امل لتحقيق طموحهم، حتى لو كان التطبيق الكامل لهذا الطموح ليس فوريا. اما اذا انفجرت الثورة لا مجال للحوار بين المعارضة والنظام، لان فكرة الثورة ان يصبح الشعب هو النظام الذي يشمل المعارضة والحكومة والذي تتبدل فيه الأدوار من حين الى حين. فرصة الاصلاح يمتلكها النظام واذا ضاعت من يده عليه ان يتقبل الهزيمة ويرحل.
برايي المتواضع ان تهديد النظام القائم في البحرين هو مصدر القلق الحقيقي بصرف النظر ان كانت المعارضة شيعية او سنية. الصورة الكلاسيكية للصراع الطائفي بين السنة والشيعة لا يمكنني ان اتقبلها بهذه السهولة. صدقوني.. أقنعوا السنة في اي قُطر بالقيام بالثورة وسوف ترون كيف يحلل وعاظ السلاطين قتلهم والتنكيل بهم ولن ينقذهم مذهبهم من بطش السلطان.
اي احد يهدد مثلث نظام الخليج المقدس (ثورة نفطية، اسرة حاكمة، وشعب مخدر بالدين او بالمال) ستنزل عليه اللعنات.
حسنا اعلم أني لم اضف اي معلومة جديدة للقراء لانه معروف للجميع ان الحكم العقيم والحاكم مستعد ان يكون بن علي او مبارك او صالح او القذافي من اجل التمسك بالكرسي. لكن السؤال كيف سيحصل الحاكم على تاييد الشعب على القتل والتنكيل ان غابت الطائفية؟ وأقولها بكل ثقة ان من السهل ايجاد حجة اخرى لضرب الناس. سيدرسون تاريخهم وأصولهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى يجدوا شيء يساعدهم على التنميط والتصنيف ويطبخونه ويقدمونه على طبق لشعوبهم والشعوب ستتبنى هذه الحجة بكل سهولة لانها جزء من هذا المقدس الذي اشرنا اليه في الاعلى.