طلب مني أن ألقي كلمة في احتفال نظمته جمعية الطلبة الكويتيين في كاردف بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير، وحسب توقعات الجميع أن طلب كهذا سهل جدا، ولكن هناك مشكلة في هذا الطلب وهي أني شخصيا عندي حساسية من ترديد الشعارات، هذا أولا! وثانيا لا شيء في الكويت يشجع على ترديد شعارات أصبحت بلا معنى. المهم أني ألقيت كلمة وجدها البعض (أو الكل) أنها هجومية ولاذعة ولا تتناسب مع المناسبة. واحد فقط لم يعطيني رأيه في الكلمة، ليس لأن لسانه ينقصه طول ولا لأنه لا يريد أن يضايقني بانتقاده ولكن لأنه لم يكلف نفسه وينتبه حيث كان مشغول بشيء لا يعلمه الا الله. وعدته أن أرسل له الكلمة ولكن قبل أن أودعه قال لي: اليوم مباراة لفربول وريال مدريد، وراح يدعو على لفربول بأن يخسروا المباراة، ولأن دعاؤه له مفعول عكسي (حتى هذه اللحظة النتيجة 3 لفربول ولا شيء لريال مدريد)، قررت أن أضع الكلمة هنا بمناسبة هذا الفوز الكبير.
-----------
كلمة الاحتفال في العيد الوطني وعيد التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
أخواني وأخواتي،
السلام عليكم
يشرفني ويسعدني أن أرحب بكم في احتفال جمعية الطلبة الكويتيين في كاردف بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير
في هذا العام تحتفل الكويت بالذكرى ال 48 للاستقلال والذكرى ال 18 للتحرير
في كل عام يأتي عيد التحرير ليذكرنا بالأمل من جديد، يذكرنا كيف عادت الحياة لشعب عانى من الاحتلال لمدة 7 أشهر، يوم التحرير في سنة 1991 كانت الكويت مهدمة، معتدى عليها، أرضها تحترق، وسماءها سوداء من دخان حرائق النفط، لكن الناس كان عندهم أمل كبير بأن كل شيء ممكن اصلاحه وكان الجميع مستعد أن يشارك في ملحمة الاعمار والبناء، وكل ما كانوا يحتاجون اليه قيادة حكيمة تضمن استمرار هذا الحماس، قيادة تضمن استمرار هذا الحس الوطني في نفوس الناس. الان بعد 18 عام من التحرير لا يوجد أثر لحرائق النفط ولا يوجد أثر للمباني والمنشات التي تهدمت على أيدي البعثيين وحتى من تسبب في ذلك الغزو انتقم الله منه وصار تحت التراب، ولكن مع الاسف أصبح الأمل عملة نادرة بسبب التخبط الحكومي وبسبب وصول الانتهازيين الى مجلس الأمة وبسبب تقديم المصلحة الخاصة على مصلحة الوطن.
رغم هذا كله لا يجوز أن نيأس ولا يجوز أن نفقد الأمل، يجب أن نتمسك في الأمل ولكن يجب أن يصاحب هذا التمسك العمل والجد والمثابرة وأن نؤدي واجبنا اتجاه هذا الوطن.
ومثل ما يذكرنا عيد التحرير بالأمل فان العيد الوطني يذكرنا بأبو الدستور، أبو الاستقلال، أبو الديمقراطية، أبو النهضة، يذكرنا العيد الوطني بالشيخ عبد الله السالم رحمه الله، ليس لأن ال 25 من فبراير ذكرى جلوسه فقط، ولكن لأن هذا الرجل امن بشعبه وكان يرى أن ثروات هذه الأرض هي ملك الشعب وما هو الا حارس على هذه الثروة.
ومن أقواله رحمه الله: "الحياة الديمقراطية هي سبيل الشعب الذي يحترم إرادته في الحياة الحرة ، ولا كرامة من غير حرية ولا حرية من غير كرامة"
الشيخ عبد الله السالم توفى سنة 1965، أما ذكراه فهي الى الان باقية حية فينا، لأننا ندين له بالكثير، ويكفي أنه امن بحق الشعب في تحديد مصيره احترم ارادته.
اليوم بعد 47 عام من اصدار الدستور لازال البعض يحاول الانقلاب عليه. هذه المحاولات دليل على خلل في مفهوم الوطنية.
عندما بدأت صحافة الفتن قبل عام تقريبا بالطعن في الولاء وتوزيع صكوك الوطنية، كان هناك من اختلطت عليه المفاهيم وبدأ يعتقد أن الوطنية تعني أن يرضى عليك فلان وفلان. واذا كان هناك من يبحث عن معنى الوطنية، فأن الوطنية معناها بسيط جدا، معناها أن تعبر عن حبك لوطنك من خلال اداء الواجب، ومن خلال احترام القانون والدستور. نعم دستور 1962... المحافظة عليه واحترامه من أهم الواجبات الوطنية.
حب الوطن ليس بترديد الشعارات ولا حفظ الأشعار ولا التغني بالأغاني الوطنية ولا رفع الأعلام ولا تعليق صور الشيوخ، هذا النوع من الحب يعتبر حب مصلحي يزيد كلما زاد عطاء بيت المال ويقل كلما شح العطاء.
حب الوطن يتطلب الصراحة مع أنفسنا، بأن نعرف أخطاءنا قبل أخطاء غيرنا، أن نعرف ما الذي يحركنا؟ حب الوطن يتطلب أن نغير ما فينا من أخطاء، حب الوطن يتطلب أن نصلح أنفسنا قبل أن نصلح العالم كله.
ولكن
من يحق له أن يعلمنا الوطنية؟ ما هي مواصفاته؟ وما هي وظيفته؟ ما هو مذهبه؟ وما هو أصله؟
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): "أنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال"
فقبل أن نصدر أحكامنا على القائل، لنرى أولا ما الذي يريد أن يقوله، واذا كان ما عنده هو الحق فلنتبنى هذا الحق حتى لو لم يعجبنا قائله.
حفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه وشكرا